المؤسس والرئيس التنفيذي للمركز: د. عبدالغني أنجم
السياحةثقافات باكستانيةثقافةثقافة وتاريخثقافة وتاريخسياحةمقالات

إسلام آباد… لؤلؤة باكستان وموطن الكرم

إسلام آباد لؤلؤة باكستان وموطن الكرم

كتبه/ أ. سلامة حجازي-(الخبير في السياسة الخارجية) من جمهورية مصر العربية-
ضمن مبادرة مركز إندس ( باكستان بعيون الرحّالة العرب ) –

في قلب إسلام آباد، المدينة التي تجمع بين النظام والهدوء، وبين دفء الناس وروح الكرم التي لا تنتهي. الهواء هنا نقي، والسماء صافية، والجبال تلوح في الأفق وكأنها تحرس المدينة بحب.

كل يوم أكتشف شيئًا جديدًا يجعلني أكثر تعلقًا بالمكان. ذات يومٍ، وقفت عند بائع شاي على ناصية شارع هادئ. قبل أن أمد يدي لأدفع، ابتسم وقال لي: “أنت ضيف، والضيف لا يدفع”، وكأن هذه الكلمات قانون مكتوب في قلوب أهل باكستان.

في الأسواق، المارة لا يتركونك وحدك إذا رأوك محتارًا. حتى البائعون يعاملونك وكأنك صديق قديم، لا مجرد زائر عابر.

وفي أحد الأيام، شعرت بتعب مفاجئ واضطررت لزيارة عيادة خاصة. استقبلني الأطباء بابتسامة واهتمام، وعندما حاولت دفع تكلفة الكشف، رفضوا بشدة وقالوا: “أنت ضيف عندنا، وواجبنا أن نساعدك”. ذلك الموقف الإنساني كان أبلغ من أي كلمات، وجعلني أرى أن كرمهم لا يقتصر على الأسواق أو الشوارع، بل يمتد إلى كل موقف إنساني.

وما يلفت الانتباه هنا أن كل من يتحدث العربية، سواء كان باكستانيًا أو مقيمًا، يقابلك بترحاب مضاعف. يكفي أن يسمعوا منك كلمة عربية حتى تضيء وجوههم بالابتسامة، ويبدؤوا في عرض المساعدة أو تقديم خدمة، وكأن اللغة جسرت المسافة بين قلوبنا قبل أن نعرف أسماء بعضنا.

وعند مسجد فيصل المهيب، تلك التحفة المعمارية المبهرة، وجدت مجموعة من الباعة يعرضون الأكلات الشعبية الشهيرة والحلويات والمشروبات الباردة. المدهش أن أغلبهم لا يكتفي بالبيع فقط، بل يصر على أن تتذوق شيئًا مجانًا، أو يقدم لك خصمًا وكأنك واحد من أهل المكان. ابتساماتهم وكرمهم يجعلان زيارة المسجد تجربة روحية واجتماعية في الوقت نفسه.

ومن أعلى دامان-إي-كوه، أطل على المدينة كلها؛ الخضرة تحيط بكل مكان، ومسجد فيصل يلمع تحت أشعة الشمس كأنه جوهرة بيضاء وسط بساطة وروعة المشهد. اللحظة هناك تشبه لوحة فنية، لكن جمالها الحقيقي أنك تراها بعينيك وتتنفس هواءها البارد.

إسلام آباد ليست مجرد محطة في رحلتي، بل هي تجربة حيّة أعيشها الآن، بكل تفاصيلها ومشاعرها. وكلما مر يوم، يزداد يقيني أنني سأغادرها يومًا ما، لكن قلبي سيبقى هنا. فهذه المدينة لا تتركك كما جئت، بل تمنحك جزءًا منها، وتترك فيك شوقًا دائمًا للعودة، كأنك تركت قلبك بين جبالها الخضراء ومساجدها وابتسامات أهلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى