
كتبه/ د. محمد أبوبكر بهته – رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة الوطنية للغات الحديثة (NUML)- إسلام آباد-
أرفع أسمى التهاني والتبريكات إلى القيادة السعودية الرشيدة والشعب السعودي الكريم بمناسبة اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، هذه المناسبة الغالية التي لم تعد تقتصر على السعوديين وحدهم، بل أضحت يوم فرح مشترك في باكستان، تعبيرًا عن عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين. فالسعودية وباكستان لم تعودا مجرد دولتين متقاربتين، بل شريكان في العقيدة والمصير والتاريخ، توثّقت روابطهما مؤخرًا بتوقيع الاتفاقية الاستراتيجية للدفاع المشترك، التي جسّدت حقيقة التلاحم بين الشعبين، حيث أصبح الباكستاني سعوديًا في حبه لأرض الحرمين الشريفين، وأضحى السعودي باكستانيًا في محبته ووفائه لوطننا العزيز.وبوصفي معنيًا بالشأن التعليمي والثقافي، أجد من الواجب تسليط الضوء على إسهامات المملكة العربية السعودية في دعم التعليم في باكستان عامة، وتعزيز مكانة اللغة العربية والثقافة الخليجية خاصة. فقد عُرفت الجامعات والمراكز السعودية بريادتها في دعم المشاريع التعليمية خارج حدود المملكة، في مبادرات تتسم بالعمق والاستدامة، بدءًا من كفالة المعلمين، وتدريب الكوادر، وتقديم المنح الدراسية، وصولًا إلى إنشاء مؤسسات تعليمية كبرى. وهذه الجهود المترامية الأطراف تحتاج إلى عمل موسوعي يوثّقها ويبرز قيمتها الحضارية.لقد تحوّلت المملكة إلى الوجهة الأكاديمية المفضلة لطلاب باكستانيين كثر في مختلف التخصصات، وتخرّج منها آلاف الطلبة الذين يتبوأون اليوم مناصب أكاديمية وإدارية مرموقة داخل باكستان. كما كانت السعودية في طليعة الدول الداعمة لنشر اللغة العربية والثقافة العربية في بلادنا، من خلال رعاية البرامج اللغوية، وتنظيم المؤتمرات والدورات، وتقديم مبادرات نوعية عبر سفارتها في إسلام آباد، حيث لمسنا من السفير السعودي حرصًا استثنائيًا على توسيع آفاق التعاون في مجال تعليم اللغة العربية.وتُعد مبادرات مركز الملك سلمان العالمي للغة العربية نموذجًا عالميًا يحتذى، بما يقدمه من برامج متقدمة تتماشى مع متطلبات العصر الرقمي، وتستثمر الذكاء الاصطناعي لخدمة اللغة العربية ونشرها على أوسع نطاق. كما لا يمكن إغفال المشروع السعودي الأكبر في باكستان، وهو تأسيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد، التي تموّلها المملكة بصورة شبه كاملة، وتُعتبر بحق هدية تاريخية من المملكة إلى الشعب الباكستاني.وفي الجامعة الوطنية للغات الحديثة (NUML)، استلهمنا من هذه المبادرات الرائدة لتطوير برامج قسم اللغة العربية. فقد أصبح القسم محطة مهمة للراغبين في تعلم العربية، سواء من الباكستانيين أو من جنسيات أخرى، حيث نقدّم برامج بكالوريوس وماجستير ودكتوراه، إلى جانب دورات تخصصية رفيعة المستوى. كما نوفر برامج مُصممة خصيصًا للعسكريين والموظفين المدنيين، لتمكينهم من اكتساب مهارات لغوية تؤهلهم للانخراط في برامج تدريبية ومهام مهنية في دول الخليج.ونحن في قسم اللغة العربية بجامعة نمل نتطلع اليوم إلى توسيع نطاق أنشطتنا عبر تقديم برامج لغوية متخصصة، ودبلومات مهنية، ودورات قصيرة وطويلة الأمد، ونأمل أن تجد هذه المشاريع دعمًا ورعاية من المملكة العربية السعودية، لتضاف إلى سجلها الحافل من الإنجازات في نشر اللغة العربية وتعزيز مكانتها في باكستان، بما يعكس روح الشراكة الأخوية العريقة بين بلدينا.
