عندما يتحوّل المصحف إلى دفتر أسماء المواليد: أسامي قرآنية تثير الجدل في باكستان

إعداد: وحدة الثقافة والفنون بمركز إندس للدراسات الباكستانية.-

في ظل السباق المتزايد نحو اختيار أسماء “فريدة” للأطفال، يشهد عدد من المجتمعات الإسلامية ظاهرة لافتة تتمثل في اشتقاق أسماء المواليد من كلمات وردت في القرآن الكريم، دون النظر في معانيها أو سياقاتها، ما أدى إلى انتشار أسماء تحمل دلالات غير مناسبة أو حتى مضحكة. في هذا المقال نأخذكم في رحلة طريفة تدعوا إلى التأمل في هذه الأسماء التي لاقت رواجًا واسعا في المجتمع الباكستاني، مثل اسم “أنزلنا” الذي أُطلق على أحد الأطفال، و”من تشاء” لطفلة، في حين أصبح اسم “أنعمت” شائعًا رغم أنه جزء من دعاء “صراط الذين أنعمت عليهم”. أما أكثر الأسماء إثارة للضحك فكان “لذينا” والمستقى من كلمة “الذين”.ويعتبر اسم ” لاريب” من أكثر الأسماء انتشارا واستخداما للبنات في المجتمع الباكستاني، وفي إحدى المواقف الطريفة، سألنا أحد الإخوة عن اسمه فأجاب: “كالو خان” ( الشاب الأسود)، ‘”كالو” باللغة الأردية تعني الأسود، لكنه كان ذا بشرة بيضاء! وعندما سألناه عن السبب؛ قال إن جده وجده في القرآن في قوله: “قالوا الآن جئت بالحق”، فسماه ب”قالوا الآن” وأصبح فيما بعد “كالو خان” باللهجة البنجابية. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، إذ اختار البعض أسماء مثل “سارق”، و”منها”، و”ذلك”، و”فهي”، وحتى “لنت”، دون فهم لمعانيها، فقط لأنها وردت في القرآن، كما نقل الإمام أو القارئ أثناء التلاوة. ويقول البعض: “سمعنا الكلمة فأعجبتنا فسمّينا الطفل بها”، دون النظر في الدلالة اللغوية أو الشرعية.ووصل الأمر في بعض الحالات إلى تسمية الأطفال بأسماء ذات معانٍ سلبية أو غير مناسبة إطلاقًا، مثل: “خبال” (الذي يعني الفساد)، “هامان”، “زنيم”، “فرعون”، “قم الليل”، “رب اغفر لي”، بل وحتى “رزقاً طيباً”. و ” لتي” من ” التي” و “مِنو” مشتقة من ” أن آمِنوا بربكم ” و”علينا” أصبحت في الكتابة الأردية ” علينه ” ” منها” “عيشة” من الآية ” في عيشة راضية ” أصبحت في الكتابة الأردية ” ايشا ” كما أورد لنا شخص طرفة عن رجل أطلق على طفله اسم “نكْتَل”، معتقدًا أنه اسم شقيق النبي يوسف عليه السلام، استنادًا إلى قوله تعالى: “فأرسل معنا أخانا نكتل”، بينما هو في الحقيقة فعل مضارع.وهذه الظاهرة تعود جزئيًا إلى افتقاد كثير من النساء -خاصة في المجتمعات الريفية- للتعليم الديني المنظم، حيث كانت الجدات يتلون القرآن بكثرة، فيقمن باختيار الاسم من كلمات أعجبتهم أثناء التلاوة، لتنتقل هذه العادة جيلًا بعد جيل.وفي سياق مشابه، وجدنا بعض الحالات التي يتم فيها اختيار الاسم عن طريق إغلاق العين وتحريك الإصبع على صفحة من المصحف، أو حتى صحيفة أو كتاب عادي، ثم تسمية الطفل بالكلمة التي يقع عليها الإصبع.هذه الظاهرة –رغم طرافتها في بعض المواقف– تطرح تساؤلات جدية حول أهمية الوعي بالمعاني والسياقات الدينية واللغوية قبل إطلاق الأسماء، خصوصًا عندما يكون المصدر هو القرآن الكريم، كتاب الله المقدّس الذي لا ينبغي التعامل مع ألفاظه دون علم وتدبر.