المؤسس والرئيس التنفيذي للمركز: د. عبدالغني أنجم
اقتصادتحليلاتسياحةشؤون دوليةمحليات

مزارعو باكستان يقاضون الشركات الألمانية المتسببة في فيضانات 2022 المدمرة

إندس- كراتشي/برلين –

في خطوة نادرة على المستوى الدولي، أعلن 43 مزارعًا من إقليم السند الباكستاني، أحد أكثر المناطق تضررًا من الفيضانات المدمرة عام 2022، عن رفع دعوى قضائية ضد شركتي الطاقة الألمانية RWE وشركة الأسمنت Heidelberg Materials، مطالبين بتعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بأراضيهم وممتلكاتهم ومحاصيلهم الزراعية. وقد أرسل المزارعون إشعارًا قانونيًا رسميًا إلى الشركتين، أشاروا فيه إلى ضرورة دفع التعويضات قبل موعد محدد، وإلا سيتم رفع الدعوى أمام المحاكم الألمانية في ديسمبر المقبل. وأكد المزارعون أن هذه الشركات تتحمل مسؤولية مباشرة عن انبعاثات الكربون والمساهمة في التغير المناخي، الذي ساهم في تفاقم الفيضانات والكوارث الطبيعية، مؤكدين:”لقد ساهمنا نحن بأقل قدر في الأزمة البيئية، لكننا الأكثر تضررًا، بينما تحقق الشركات الكبرى في الدول الغنية أرباحًا هائلة دون تحمل أي مسؤولية.” وأشار المزارعون إلى أن الأراضي الزراعية قد تضررت بالكامل، وأن محاصيلهم من الأرز والقمح قد ضاعت بشكل كامل، وتُقدر خسائرهم بحوالي مليون يورو، وهو المبلغ الذي يسعون للحصول عليه كتعويض من الشركتين.

خلاصة عن الشركتين في سياق الدعوى

RWE: شركة طاقة ضخمة، لها تاريخ طويل، وتولّد الطاقة من مصادر تقليدية ومتجددة، لكن لها أصول وتاريخ في استخدام الفحم مما يجعلها من المساهمين الكبار في انبعاثات الكربون.

Heidelberg Materials: شركة رئيسية في البناء والإنشاءات، إنتاج الأسمنت والركام، وتتحرك الآن نحو إنتاج مواد بناء أكثر استدامة، لكنها في الأصل شركة صناعية قوية ذات بصمة كربونية كبيرة أيضًاومن جانبه،

وقد أوضح المتحدث باسم الشركتين الألمانيتين أن الطلبات القانونية قيد الدراسة حاليًا، ولم يتم الإعلان عن أي موقف رسمي بشأن دفع التعويضات حتى الآن.

خلفية الفيضانات وأضرارها

وفقًا لمؤشر المخاطر المناخية العالمي، كان عام 2022 من أكثر الأعوام تضررًا من الكوارث الطبيعية على مستوى العالم. فقد غمرت الأمطار الغزيرة نحو ثلث أراضي باكستان، وأسفرت عن وفاة أكثر من 1,700 شخص، وتشريد أكثر من 33 مليون نسمة، وخسائر اقتصادية تجاوزت 30 مليار دولار.وكان إقليم السند الأكثر تضررًا، حيث غمرت المياه العديد من المناطق لفترات طويلة، استمرت أحيانًا لما يقارب عامًا كاملًا، ما أدى إلى تدمير الأراضي والمحاصيل الزراعية والبنية التحتية الحيوية، تاركًا آثارًا عميقة على حياة السكان المحليين. وأكد العلماء أن التغير المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية، الذي ساهمت فيه شركتا RWE وHeidelberg Materials بشكل كبير، لم يرفع احتمالية هطول الأمطار الغزيرة فحسب، بل زاد من شدتها وتفاقم تأثيرها على المجتمعات المتضررة.

المزارعون والعدالة المناخية

من بين المزارعين المدعين، عبد الحفيظ خوسو، 42 عامًا، من جاكوب أباد، الذي فقد محاصيل الأرز والقمح لموسمين متتاليين. وقال:”هذه مسألة عدالة. كيف يكون من العدل أن ندفع ثمن أزمة مناخية لم نسببها نحن، بينما تحقق الشركات الكبرى أرباحًا طائلة؟ من تسبب في الضرر يجب أن يتحمل المسؤولية.”

تأتي هذه الدعوى ضمن موجة متصاعدة من القضايا القانونية التي تهدف إلى تحقيق العدالة للمجتمعات المتضررة من أزمة المناخ، لكنها الأولى التي يواجه فيها المتضررون الألمان مباشرة. وفي مايو الماضي، أصدرت محكمة ألمانية حكمًا تاريخيًا في قضية Saul ضد RWE، مؤكدة إمكانية مساءلة الشركات الكبرى عن أضرار مناخية تقع خارج حدودها. كما رفع 67 فلبينيًا دعوى ضد شركة Shell في المملكة المتحدة في 23 أكتوبر 2025 للمطالبة بتعويضات عن الخسائر الناجمة عن الإعصار “أوديت” في 2021. وقالت كلارا غونزاليس من ECCHR:”شركتا RWE وHeidelberg تعرفان منذ عقود أن ممارساتهما الملوثة تسبب الضرر للناس، ومع ذلك لم تتخذا أي إجراء.

أزمة المناخ لم تعد تهديدًا نظريًا، بل واقعًا ملموسًا. آن الأوان لتطبيق مبدأ ‘الملوث يدفع’ وتحميل الشركات الكبرى المسؤولية المالية.”وأضافت كارين زينيج من Medico International:”بعد عشر سنوات من اتفاقية باريس، تحوّل الكارثة السياسية إلى كارثة مناخية. ولا تزال مناطق واسعة من العالم تواجه تدميرًا كبيرًا لمصادر رزقها. الذين كانوا الأقل مسؤولية عن أزمة المناخ يكافحون من أجل البقاء، كما نرى في باكستان. يجب محاسبة RWE وHeidelberg Materials على ممارساتهم الضارة، وحان وقت العدالة المناخية.” وتعمل هذه المنظمات غير الحكومية مع المزارعين المتضررين في السند منذ عام 2010، لدعمهم في مواجهة تداعيات الكوارث المناخية وتعزيز جهود العدالة المناخية الدولية.

الخطوة القانونية القادمة

تم توجيه إشعار رسمي للشركتين، كخطوة أولى في المسار القضائي، وتُقدر الأضرار التي تكبدها المزارعون بحوالي مليون يورو. ويأمل المزارعون أن تعترف الشركات بمسؤوليتها وتدفع نصيبها العادل، وإلا ستُرفع الدعوى أمام المحكمة المدنية الألمانية في ديسمبر 2025.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى