مقال رأيمقالات

باكستان والرؤية السعودية (2030)

كتبه/ د. عبدالرحمن بحر ( المستشار الإعلامي لدى مركز إندس للدراسات الباكستانية ).
عطفا على ما تفضل به الدكتور عبدالغني أنجم ( رئيس مركز إندس) في موضوعه المميز: الصراع الهندي – الباكستاني – الحل في الرياض، فإن ما استعرضه من تأثير السعودية على باكستان كائن وذلك لما يربط البلدين من علاقات عضوية توأمية تكاد لا ترى فيها الحدود المادية بين مصالح البلدين الشقيقين. تلك العلاقة التاريخية كانت نتاج جهود قادة المملكة العربية السعودية خلال الحقب السياسية المختلفة؛ حيث لم تتأثر هذه العلاقة بتغير الأنظمة المختلفة.
هذا التواصي في الإبقاء على العلاقة المتجذرة بين الشعبين الشقيقين جاء على لسان الملوك والأمراء جيلا بعد جيل حيث نجد أن التعاون العسكري والأمني كان من حظ التواثق والتوافق في المواقف بين البلدين جزءا من هذا يتصل بفرق التدريب السعودية المختلفة التي نالت حظها الوافر من التدريب، وفي جميع المجالات التقنية والتكنولوجية حيث أسهم الجيش الباكستاني في الإشراف على تأسيس كثير من وحدات التدريب بالمملكة العربية السعودية.
اتصل هذا العقد بالتراص في تأكيد قادة المملكة العربية السعودية على متانة هذه العلاقة الفريدة بين البلدين حتى ختمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في زيارته التاريخية إلى باكستان في شهر فبراير عام 2019 ، وقد صرّح سموه أمام ااشعب الباكستاني بمقولته الشهيرة: ” أنا سفير باكستان في المملكة العربية السعودية”.
هذه المقولة الحكيمة قد لقيت صدى كبيرا لدى القيادة الباكستانية وحفاوة منقطعة النظير رددها الشعب الباكستاني، وهذا يؤكد على امتداد طبيعي لتلك الأخوة الإسلامية المتجذرة بين البلدين الشقيقين.
جاءت أولى نتائج تلك العلاقة اللصيقة التي سطّرها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن طريق فسح المجال لقائد الجيش الباكستاني الجنرال المتقاعد/ راحيل شريف في أن يكون أهم ركن عسكري من أركان قيادة التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب. والجدير بالذكر أن الجنرال راحيل منذ العام 2017 يشغل هذا المنصب العسكري الفخيم. وهو ما فيه دلالة جيو-عسكرية مهمة تؤكد على متانة الثقة بين قيادتي البلدين الشقيقين.
نعم، استمرت تمتين العلاقة في مختلف المجالات بين البلدين، وذلك مما ظهر جليا في توقيع مذكرات تفاهم امتددت خلال حكومات متعاقبة ولم تتغير في طبيعتها الجيوسياسية بل عملت على توثيقها. ومن ذلك حسب ما ذكر ما جاء في بيان قنصلية جمهورية باكستان بمدينة جدّة بالمملكة العربية السعودية مما نصه: “وعقب جلسة المباحثات وقع سمو ولي العهد ودولة رئيس وزراء باكستان على اتفاق إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني. وقد شهد سمو ولي العهد ودولة رئيس وزراء باكستان مراسم توقيع اتفاقيتين ومذكرتي تفاهم ثنائية بين المملكة وباكستان ، وهي كالتالي :
اتفاق التعاون في مجال المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ، واتفاق للتعاون في مجال مكافحة الجريمة وقعهما من الجانب السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية ، فيما وقعها من الجانب الباكستاني وزير الداخلية (السابق) السيد شيخ رشيد أحمد.
ومذكرة تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمائية وقعها من الجانب السعودي سمو وزير الداخلية فيما وقعها من الجانب الباكستاني وزير الشئون الخارجية (السابق) السيد مخدوم شاه محمود قريشي، ومذكرة تفاهم اطارية لتمويل المشاريع المؤهلة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل والمياه والاتصالات بين الصندوق السعودي للتنمية وجمهورية باكستان الاسلامية. وقعها من الجانب السعودي وزير السياحة رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية الاستاذ أحمد الخطيب ، فيما وقعها من الجانب الباكستاني وزير الشئون الخارجية.
كل هذه المذكرات المذكورة لم تعمل على الحد من الفيض السعودي على دعم باكستان بكل سخاء وبلا منا، وفي ذلك نجد أن الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية السيد سلطان بن عبدالرحمن المرشد قد وقع مع وكيل وزارة الشؤون الاقتصادية في باكستان الدكتور نياز، اتفاقية تنموية لتمويل المشتقات النفطية بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي. حيث تمثّل الاتقافية امتدادا للدعم السابق المقدم من المملكة العربية السعودية من خلال الصندوق لباكستان منذ عام 2019 ليصل الاجمالي إلى 6.7 مليار دولار، لدعم تنمية الاقتصاد ومواجهة التحديات الاقتصادية في باكستان. كما وقّع الجانبان أمس الاثنين، اتفاقية قرض تنموي ميسّر مقدّم من الصندوق بقيمة 41 مليون دولار لتمويل مشروع إمداد مدينة مانسهرا بمياه الشرب في باكستان، للإسهام في توفير أنابيب لشبكات المياه بطول يبلغ نحو 400 كيلو متر ؛ يستفيد منها أكثر من 150 ألف نسمة، وكذلك إنشاء محطة لمعالجة المياه بسعة تبلغ نحو 21 ألف متر مكعب يوميًا، كما يسهم المشروع في الحد من انتشار الأمراض والأوبئة الناتجة عن المياه الملوثة في باكستان، وفقا لوكالة الأنباء السعودية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى