
كتبه/ د. عبدالرحمن بحر (المستشار الإعلامي لمركز إندس).
تعد الخطوة التي قامت بها الحكومة الصينية في الجمع بين وزيري الخارجية الباكستاني إسحاق دار ونظيره الأفغاني القائم بأعمال وزارة الخارجية أحمد خان متقي خطوة في الإتجاه الصحيح، ليست لإعادة الروح بين الدولتين الجارتين الشقيقتين فقط وإنما مدا لأواصر الشراكة الإستراتيجية التي لا يمكن أن تنفصل عراها في سياسة الصين الخارجية؛ والتي ترتسمها خارطة طريق عنوانها الرئيس الطريق والحزام.
نتجت عن هذا اللقاء نتائج مستحقة كم تأخرت بسبب الخلافات البينية بين الجارتين الشقيقتين. حيث نتج عن ذلك تعزيز علاقاتهما الدبلوماسية من خلال تبادل السفراء تمهيدا لتطبيع العلاقات التي تأثرت بسبب التوترات والخلافات حول ملفات شائكة. هذه النتائج التي طلعت متأخرا كان سببها الحليف الإستراتيجي بين الجارتين ألا وهي الصين، حيث حرصت الصين وفي لقاء ثلاثي غير رسمي لوزراء خارجية الصين وباكستان وأفغانستان بالعاصمة بكين. وجاء ذلك في إطار جهود بكين إلى تصفية الطريق أمام العراقيل التي ستنجم عن سوء تفاهم الدولتين. وبذات الصدد صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي في بيان صدر عن وزارة الخارجية الصينية ” أعربت فيه أن البلدين على أتم الاستعداد في تعزيز العلاقات الدبلوماسية، واتفقا من حيث المبدأ إلى تبادل السفراء في أقرب وقت ممكن.
والجدير بالذكر أن السيد يي قد رحب بهذه الخطوة وأن الصين سترحب بهذه ا لخطوة من التفاهم الإستراتيجي كما وستعمل على تقديم المساعدات لتعزيز تلك العلاقة الثنائية. واستنادا إلى تلك المؤشرات الإيجابية من التفاهمات بين البلدين أشارت كل من الصين وباكستان على أنهما اتفقا على تمديد الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني ليشمل أفغانستان. على الرغم من عدم اعتراف أي دولة رسميًا بنظام طالبان منذ عودته إلى السلطة عام 2021، إلا أن العديد من الدول، بما في ذلك الصين والإمارات العربية المتحدة وروسيا، تحتفظ بسفراء لها في كابول. كما تستضيف الصين والإمارات العربية المتحدة سفراء معينين من قبل طالبان، بينما وافقت روسيا الشهر الماضي على قبول سفير لطالبان في موسكو.
في الوقت الحالي لا يوجد تمثيل دبلوماسي رفيع في عاصمتي البلدين بيد أن كلا الدولتان تحتفظان بقائمَين الأعمال في كلا البلدين. نعم، رغم انعدام الثقة بين كابول وإسلام آباد، والاتهامات المتبادلة بشن غارات عبر الحدود بين البلدين لكن استطاعة الدبلوماسية الصينية فرض واقع سادت فيه لغة المصالح المشتركة والجوار الآمن الذي يحتاج إليه كلا الطرفان
هدفت الجهود الدبلوماسية الأخيرة إلى تغيير مسار الأمور. وفي مارس 2025، زار المبعوث الخاص لأفغانستان محمد صادق كابول لأول مرة منذ أكثر من عام. أعقبت مهمته زيارة رفيعة المستوى لنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إسحاق دار في 19 أبريل/نيسان، حيث تعهد الجانبان بمنع استخدام أراضيهما في أنشطة إرهابية، واتفقا على تدابير لتسهيل التجارة.
وعزز الاجتماع الثلاثي في بكين هذا الزخم. استضافت الصين، ذات المصالح الاستراتيجية في الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي، هذا الاجتماع للمساعدة في استئناف الحوار الثلاثي بين الصين وأفغانستان وباكستان، الذي كان متوقفًا منذ عام 2023.وشملت النتائج الرئيسية لاجتماع بكين، إلى جانب الاتفاق على تعيين سفراء في عواصم الدولتين، التزامات بتعزيز التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، بما في ذلك العمل المشترك ضد الجماعات المسلحة والتدخل الخارجي؛ ودعم توسيع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) ليشمل أفغانستان؛ والتفاهم على استئناف العملية الثلاثية رسميا من خلال عقد الحوار السادس لوزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان في كابول.
صرحت وزارة الخارجية الباكستانية في بيانٍ لها عقب الاجتماع: “أكد نائب رئيس الوزراء/وزير الخارجية التزام باكستان بتعزيز علاقات التعاون الوثيقة مع أفغانستان، لا سيما في مجالات التجارة والنقل والصحة والتواصل”. وأكدت الصين على ضرورة “حماية سيادتها وأمنها وكرامتها الوطنية”، وجددت دعمها للشركاء الإقليميين الذين يسعون إلى مسارات التنمية “التي تناسب ظروفهم الوطنية”. ومع تطورات يوم الأربعاء، يبدو أن باكستان والصين تراهنان على أن تعزيز التعاون والحوافز الاقتصادية من شأنهما التقريب بين كابول والحد من عدم الاستقرار في المنطقة. وأشار وانغ يي إلى دعم الصين وباكستان لإعادة إعمار أفغانستان وتنميتها، واستعدادهما لتوسيع التبادلات التجارية مع أفغانستان. وأضاف أن هناك اتفاقا على “تمديد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني إلى أفغانستان”.
رددت وزارة الخارجية الصينية نفس الرأي، حيث قالت: “أكدت الصين وباكستان دعمهما لتوسيع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) ليشمل أفغانستان في الإطار الأوسع لتعاون مبادرة الحزام والطريق (BRI).” وبدت الأطراف الثلاثة متفائلة بحذر بشأن التقدم المحرز نحو تطبيع العلاقات بين إسلام آباد وكابول.
وعلق دبلوماسي لم يفحص عن اسمه أنه “لن تكون عملية التطبيع سريعة، لكن حقيقة أن إسلام آباد وكابول تتبادلان الحديث مجددا على هذا المستوى وتتفقان من حيث المبدأ على السفراء تُعدّ تطورا هاما.” بالنسبة لبكين، التي أبقت على سفير لها في كابول واعترفت بمبعوث عيّنته طالبان العام الماضي، يعكس إستراتيجية “التعددية المصغرة”، وهي صيغة دبلوماسية مُستهدفة تهدف إلى مواجهة تحديات إقليمية مُحددة. أهمية الاجتماع بسبب الدبلوماسية الهندية الأخيرة.
هذا، ومهما يكن من أمر السياسة بين الدول فإن معيارها المصلحة الوطنية أن تمد جسور التعاون بين البلدين فأفغانستان هي امتداد طبيقي لباكستان في ترسيم تلك المصالح الاقتصادية كدولة ليس لها منفذ بحري وها تأت أهمية باكستان الجيوسياسية لتفتح هذا الباب مؤاربا في مصالح بين بين الشعبين الشقيقين. أيضا بابتعاد باكستان عن أفغانستان قد يسد فراغ تلك العلاقة دولة عدوة ليست إلا الهند التي حاولت حديثا الاستفادة من هذا التنافر بالاقتراب أكثر من كابول حتى أنها لم تتفاعل من النتيجة التي أحرزتها باكستان في شباك جارتها الدودة الهند في حربيهما التي نشبت حديثا. وهكذا يبدو أن هذا التوجه الصيني في لم يشمل بين البلدين يعتبر إستراتيجية شاملة لأجل تمديد الاستفادة من هذه المنافع المزمعة بين الدول الثلاثة.
